د.طلال المغربي – لندن

بالنظر الى المتغيرات البيئية المحيطة والتي تحوي الكثير من الفرص التسويقية والمخاطر نجد ان العملاء أصبحوا اكثر ذكاءً ووعيا وإطلاعا بالخدمات والمنتجات ولديهم اهتمامات اخرى خاصة بالصحة والتعليم وحماية البيئة وزيادة الوعي بالحقوق وتقليل نسبة الحوادث والاصابات واحتياجات المجتمع والمسئولية الاجتماعية.

تركيبة المملكة العربية السعودية السكانية توضح ان ٦٠٪ من الشعب السعودي تحت عمر ٢٥ سنة. لذلك لابد للشركات من دراسة هذه المتغيرات التي تحدث في الخصائص الديمغرافيه لهذه الشريحة ونمط حياتهم وفلسفتهم مع معرفة تأثيرها على اتجاهاتهم بالسوق السعودي. مما يعني يجب ان تستغل الشركات والمؤسسات والأندية الرياضية جميع الفرص التسويقية والمخاطر المحيطة وبلورتها الى خطط استراتيجية تخدم وتحقق أهدافها وتعلي من صورتها وسمعتها الذهنية.

لذلك يفضل للشركات والأندية الرياضية ايجاد استراتيجية طويلة المدى تدور حول الفئة العمريه الشابة والعميل المرتقب والتي تمثل ٦٠٪ من التركيبية السكانية وذلك من خلال مفهوم التسويق والذي يسمى المفهوم الاجتماعي في التسويق. وهو باختصار السعي الى اشباع حاجات ورغبات العميل وتغير سلوكيات فردية ومجتمعية في اطار مصلحة المجتمع والوطن.

اثبت هذا المفهوم ان العميل يرحب بقرارات وسياسات الشركات والمؤسسات والأندية الرياضية التي تسعى ان تشبع رغبات العميل بما يتواءم مع تحقيق مصالح المجتمع في الاجل الطويل وهي من الضرورات لجذب العميل والاحتفاظ به. في عام ١٩٨٣م قدمت أمريكان إكسبرس برنامج لمفهوم التسويق الاجتماعي لمساعدة إعادة ترميم تمثال الحرية في نيويورك. في حملتها لمدة ٣ شهور استطاعت أمريكان إكسبريس جمع ١،٧ مليون دولار لترميم التمثال وذلك من خلال نسبة من اي مشتريات لاي من منتجاتها من خلال العملاء. نتيجة هذه الحملة لخدمة قضية اجتماعية لسكان نيويورك زادت نسبة استخدام بطاقة أمريكان إكسبريس الانتمائية بنسبة ٢٨٪ وزيادة طلب الاشتراك للحصول على بطاقة أمريكان إكسبريس بنسبة ١٧٪.

بالاضافة لذلك وضحت الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث سبتمبر أن ٨١٪ من الأمريكان يرغبون في التحول إلى منتجات وخدمات شركات أخرى تدعم القضايا الاجتماعية و٩٢٪ كونوا صورة ذهنية أكثر ايجابية عن تلك المؤسسات ومنتجاتها أو خدماتها. في الرياضية، فان الحضور الإجتماعي الإيجابي في المجتمع هو المفتاح الرئيسي لنجاح المبادرات والرعايات الرياضية والتي تمثل ٨٤٪ من الرعايات العالمية المختلفة للمناسبات. في المانيا مثلا، ٧٤٪ من الالمان لديهم صورة ذهنية ايجابية وتقدير للمنتجات والخدمات التي تقدمها الشركات والأندية الراعية والمقدمة لمبادرات تحقق رغبات المجتمع. ونتيجةً لذلك، المفهوم الاجتماعي في التسويق يساعد في زيادة استخدام منتجات الشركات الداعمه لقضايا مجتمعها وزيادة نسبة الأعضاء والمستخدمين الجدد.

التفكير في تقديم برنامج استراتيجي طويل المدى للشركات والمؤسسات والأندية الرياضية لابد ان يكون مهماً ويتلمس احتياجات المجتمع ويمكن ربطة وتقديمه من خلال خدمات مما يعكس أرقى صور الوعي الإنساني في المجتمع مع عكس صورة ايجابية في عقول اجيال وعملاء المستقبل من الشباب. وهو ما يعني أن إيجاد برامج ومنتجات وخدمات ضمن مفهوم التسويق الإجتماعي سوف يتيح لعملاء الشركات ومشجعي الأندية تقديم الدعم لأنشطة وبرامج تخدم قضايا مجتمعهم وتحقيق أهدافهم النبيلة ليكون ذلك عنوان البذل والعطاء واحد ابرز اوجة التعاون بين الشركات الخاصة والعامة وابناء المجتمع وقمة الوعي والإدراك بوظيفتهم ودورهم الاجتماعي والإنساني في المجتمع. مثال ذلك في ايجاد برامج مستدامه لدعم ابناء شهداء الوطن معنويا وماديا او برامج تدعم قضايا شباب الوطن او برامج صحية واخرى لتحقيق أماني الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في حضور بعض المؤتمرات العلمية والطبية والتدريبية والتأهيليه أو النقل للعلاج والتي تساعدهم في تحقيق أمالهم وتطلعاتهم في الانخراط في المجتمع.

قال رسول الله صلى الله علية وسلم “أحب الناس إلى الله انفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنة كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن اعتكف في المسجد شهراً، …”

رواة الطبراني في الكبير (12/346).

لتحقيق مفهوم حقيقي للتسويق الاجتماعي وعدم السماح للشركات والافراد من استغلال القضايا الاجتماعية لتحقيق اهداف تسويقية ومادية واعلامية، والتي هي جزء من مفهوم التسويق الاجتماعي، ولكن بدون تحقيق الهدف الحقيقي، على الشركات والافراد ان تتحلى برامجها واستراتيجياتها باخلاق علم التسويق وبالمصادقية والتواصل الفعال والشفافية الذاتية والمراقبة من الجهات التي تتبع لها مباشرة تنظيميا لمراقبة آلية تحقيق الاهداف وكيفية تنفيذها للجهات المستفيده ومراقبة لكل المداخيل الماليه. بالاضافة لذلك على الشركات دراسة نماذج من تجارب ناجحة، كيفية عمل البرنامج، اختيار المؤسسات المستفيدة، الفوائد المرجوة للشركات والمؤسسات وللمجتمع وشروط وأحكام البرنامج.

دراسة التجارب المماثلة الناجحة للمفهوم الاجتماعي في التسويق ومبدأ

(Build your Business and Community)، فإن استحداث برنامج استراتيجي طويل المدى سوف يساعد على تحقيق الكثير من الأهداف مثل إعلاء الصورة الذهنية، يزيد من نسبة الولاء للمنتجات والخدمات والأندية الرياضية، يجسد وعي القائمين على هذه المؤسسات وتفاعلهم الصادق مع قضايا المجتمع، استجابة لنداء ورؤية المملكة العربية السعودية لتفاعل وتكامل الشركات والأفراد في تقديم وتطوير برامج تدعم العمل الإجتماعي وتساعد في تنمية مستدامة للمجتمع بما يضمن تحقيق التلاحم والإحساس الوطني والتكافل الاجتماعي بين أفراده.

In Association with

 Saudi British Marketing and Management Association

Dr. Talal Almaghrabi

 

error

Share the content of this page