habibحبيب عبدالله

استطاعت صحيفة الديلي ميل أونلاين البريطانية تحقيق أرقام قياسية في عدد الزوار والقراء عبر الإنترنت على مستوى العالم حيث كسرت قبل عدة أشهر أعلى رقم في تاريخ الصحافة عبر الإنترنت وحصلت على 154 مليون متصفح لموقعها على شبكة الإنترنت في شهر أكتوبر الماضي، وعادة فإن عدد المتصفحين يكون في المتوسط 100 مليون زائر خلال الشهر الواحد، في حين توزيع الصحيفة الورقية لم يحقق المركز الأول أبدا في بريطانيا منذ تأسيسها عام 1896م، ناهيك عن تراجع المبيعات والتوزيع.

من أهم أسباب نجاح الموقع الإلكتروني للصحيفة هو عزل الموقع تماما عن الصحيفة المطبوعة في جميع الجوانب الإدارية والتحريرية والمالية والتوظيف وحتى التوجه العام حيث تمثل الصحيفة المطبوعة التيار اليميني المحافظ بينما يمثل الموقع العكس، فالموقع يملك إدارة مستقلة للتحرير إضافة إلى جيش من الصحفيين والمصورين الذي يتبعون الموقع فقط، وينشر الأخبار والتقارير والقصص الخاصة أيضا فقط بالموقع..

هذا الفصل التحريري والإداري بين الصحيفة والموقع صنع نموذجا جديدا في العمل الصحفي، فنموذج الأعمال (النموذج الربحي) لصحيفة الديلي ميل أولاين انتهج سياسة مختلفة تماما وصنع جمهورا خاصا من الشباب ومتوسطي العمر..بينما استمرت الصحيفة المطبوعة في سياستها التحريرية وحافظت على جمهورها الذي يمثل كبار السن من عمر 50 وما فوق..

لذلك فالصحيفة الإلكترونية الجديدة في السعودية “عكاظ اليوم” تقدم نموذجا إعلاميا مختلفا وجديدا في السوق الصحفي السعودي، رغم أن مؤسسة عكاظ حافظت على التوأمة في سياسة التحرير والنشر بين الصحيفة المطبوعة وموقعها الإلكتروني، إلا أنها أطلقت موقعا إضافيا مستقلا للعمل الصحفي الإلكتروني وهو “عكاظ اليوم”.. الموقع الجديد يملك أخبارا وكتابا وصورا قد تكون مستقلة عن صحيفة وموقع عكاظ.. ولكن هل يملك موقع “عكاظ اليوم” إدارة صحفية مستقلة عن عكاظ المطبوعة؟ هنا تكمن الجدية في المنافسة والتجديد وكسب جمهورا جديدا وإنتاج ربحية أكبر في فضاء الإنترنت.

من أسباب نجاح موقع الديلي ميل أونلاين هو الفصل بين الإنترنت والمطبوع إداريا وتحريريا وصناعتها لمواد صحفية مستقلة تماما عن النسخة المطبوعة، وطبعا تركيزها على أخبار المشاهير وقصص الفضائح والغرائب حول العالم،، ولكن هناك عوامل أخرى مهمة كتصميم الموقع والصفحة الأولى حيث يتسابق الصحفيون العاملون بالموقع إلى حجز الصفحة الأولى وتقديم آخر الأخبار والقصص حيث العدد المتوسط للأخبار والقصص المنشورة يوميا هو 500 مادة صحفية، لأن الزائر لا يدخل مرة أخرى للموقع في حال أنه لا يقدم قصة صحفية جديدة، لذلك فزوار الموقع يعرفون التحديث المستمر في كل ساعة ولهذا فهم يتصفحون الموقع في كل ساعة الأمر الذي ساعد الموقع في كسر الأرقام القياسية في أعداد المصفحين يوميا وشهريا.. ومن أسباب نجاح الديلي ميل أونلاين أيضا جودة وحجم الصور المنشورة بالموقع حيث تنشر بأحجام كبيرة تلفت الإنتباه وأحيانا تكون الصور المنشورة للخبر الواحد كثيرة وأكثر من المادة الصحفية نفسها لأن الصورة أبلغ من الخبر، إضافة إلى سرعة عمل الموقع فرغم كثرة الأخبار والصور الكبيرة إلا أن الموقع ليس بطيئا عند التصفح حيث تصرف الإدارة ميزانية جيدة للأعمال الفنية والتصميم والبرمجة.. ومن الإضافات التحريرية بالموقع والتي خلقت هذا النجاح هو سياسة العناوين الطويلة والتي أشبه ما تكون بمقدمة الخبر حيث ساعدت مثل هذه العناوين في انتشار واحتلال أخبار الديلي ميل أونلاين نتائج البحث في مواقع ومحركات البحث كجوجل بسرعة وبسهولة وبكثرة.

هذا النموذج الربحي الجديد يعطي مؤشرات جيدة لنجاح مواقع الصحف الإلكترونية.. لكي ينجح الموقع الإلكتروني لأي صحيفة يجب أن يكون هناك أخبارا وقصصا صحفية على مدار الساعة، وهذا لا يتم إلا من خلال الفصل الإداري بين الصحيفة المطبوعة والموقع الإلكتروني، ويكون لكل منهما موظفون وصحفيون مستقلون من أجل المنافسة على العمل اليومي وتقديم الجديد في كل ساعة..

أعتقد أن موقع “عكاظ اليوم” ينتظره نجاحا صحفيا في السوق الصحفي السعودي بشرط أن يتبنى سياسة فصل تحريرية مشابهة للديلي ميل أونلاين، ويهتم أكثر بنوعية وعدد الأخبار المنشورة لكي يصنع خطا مختلفا تماما عن صحيفة عكاظ المطبوعة، وأن يستقطب إدارة تحريرية مستقلة إضافة إلى تعيين صحفيين يعملون لأجل الموقع فقط وليس صحفيين يعملون في الصحيفة المطبوعة بنفس الوقت، أيضا التركيز على جودة تصميم الموقع والصور المنشورة، فالموقع في تصميمه الحالي مثل أي موقع صحفي آخر ولا يحتوي على أخبار خاصة مهمة فهو بالنسبة للمتصفح العادي مثل موقع صحيفة عكاظ الإلكتروني لا يقدم شيئا مختلفا من أجل زيارته ولهذا إلى الآن الجمهور لا يعرف الفرق بين الموقع الإلكتروني لصحيفة عكاظ وبين الموقع الجديد “عكاظ اليوم”. حيث الأخبار ومصادرها متشابهة في الموقع والصحيفة..

أيضا “عكاظ اليوم” تتمتع بقدرات ومميزات مالية كبيرة أكثر من الصحف الإلكترونية التي تملأ فضاء الإنترنت.. بسبب أنها جزءا من مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر. ولهذا فعليها استغلال هذه المكانة من أجل صنع منتجا صحفيا جديدا ومنافسا.

Source:

http://www.saudiopinion.net/Article.aspx?ID=44461660-e302-4aaa-8d11-db4442450809

error

Share the content of this page